الجمعة، ٢ تشرين الأول ٢٠٠٩

عرض لمحاضرة الباحثة مشرف يارديم في جامعة لياج عن أسباب انحطاط الحضارة العربية خلال الامبرطورية العثمانية


باشراف المركز العربي الثقافي في منطقة لياج قدمت الباحثة البلجيكية مشرف يارديم معدة رسالة دكتوراة في اللغة العربية والدراسات الاسلامية محاضرة جريئة عن اسباب انحطاط الحضارة العربية في اواخر العصر العثماني
فقد اعتبرت ان زوال الفترة المضيئة كان لأسباب مختلفة منها غياب النقد وهناك الكثير من حمل الاسلام المسؤولية عن هذه الفترة المظلمة بشكل مواز لهذا ولد في العصر التاسع عشر اعادة تكوين في الوعي الاسلامي الذي ظهر بشكل عملي وواضح في الادبيات الاسلامية المقارنة "اعادة تكوين جذرية للمفاهيم الاسلامية"كان الفضاء الفكري الذي تحدثت من خلاله الباحثة البلجيكية من اصل تركي هو جامعة لياج في صالة ج.كورث في الطابق الأول
وقد استهلت الباحثة مشرف محاضرتها بتعريف عام عن مواضيع المناقشة فاعتبرت" ان الاسلام مع كل تقاليده وقرونه البهية وأخيرا الانحطاط ،الخمول الفعلي، ارادته التجديدية، ونموذجه التفكيري والادراكي، ومشاكله الخاصة وايضا اعادة التكوين وملابسات المشاكل التي قدمت اليه من الغرب ..
كل هذا طرح التحديات امامه على شكل معركة ضخمة تتعلق بالشعوب والجذور والحنين وثقافات السلف وهي بنفس المعنى مفاهيم متضاربة الا انها مثلت الطابع العام للتعاليم القرآنية"
"فحوالي النصف الأول من القرن الذي تلى بداية العصر الاسلامي.. المسلمون نجحوا في انشاء امبراطوريتهم و فتحوا الحدود الشرقية كايران الى المحيط الاطلسي وايضا احتلوا جنوب البحر المتوسط
كل هذه الاحتلالات احتاجت تنظيمات ادارية واقتصادية وانتاج التقسيمات السياسية الخاصة والتكوينات الاجتماعية التي كانت بعيدة عن الاساءة او ازالة ثقافة المسلمين"
"القرن العاشر كان بلا خلاف العصر الاسلامي الذهبي ..العمر المصنوع من الذهب الخالص لعلوم المسلمين التقليديين وفتح المجال امام الاستفادة والتفاعل مع العلوم الهندية وبالاخص الاغريقية ومع جميع الحضارات التي سبقتها للبناء عليها"
"ان الخليفة المأمون /813-833/ هو من وفر الامكانية من اجل حركة ترجمة ضخمة
في هذه المرحلة كان الارادة متوفرة ليعرف العراق خلفيات الحضارة الاغريقية من اجل التقدم في سائر العلوم والمعارف ووضع اساسات تخطي المشكلة المستعصية التي كانت تقف امام اي اقلاع حضاري وهي مشكلة التوفيق بين الايمان والعلم
وتمت ترجمة بالاخص العلوم والفلسفة الفيلسوف الاغريقي الكبير سقراط من العصر الوسيط
وسقراط هو وريث مركب:وريث مباشر للفلسفة الاغريقية ووريث ايضا وفي هذه الفلسفة الاغريقية نفسها الناقل والرابط بين الفلسفات العربية"
سردت الباحثة بتفصيل مطول كل المراحل التي مرت بها الثقافة العربية الاسلامية ومدى التأثير اللغوي العربي على اللغات الاوروبية من مثل وجود اكثر من ثلاث مئة كلمة من اصل عربي
عوامل متعددة داخلية وخارجية بدء من اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مثلت اعادة الولادة لجهود مختلفة للتأثير المعكوس بالحضارة الاوروبية الوافدة بعد ان مر العرب بفترات سبات سابقة في اواخر العهد العثماني
احد هذه العوامل كان انبثاق الحريات وتطورها في الامبراطورية العثمانية ففكرة اعادة تنظيم المسلمين تحت راية الخلافة ومفاهيم القرآن كانت قد بدت تضعف بتأثير الثقافات الاوروبية القادمة بقوة الى المنطقة
كما ان طبائع الحياة اليومية الغربية كانت قد عبرت الى النماذج الاسلامية التقليدية لتحدث تأثيرا عميقا
كما تلاشي سؤال من الدين الذي يملك التأثير الاعظم؟ وعادت الامور تطرح ما الاسباب؟ وما العلوم الحقيقية؟ ومن هنا كان توجيه النقد الى الاسلام الناجم عن عصور الانحطاط العربي الاسلامي الطويلة بانه يغلق الباب امام الأخذ بالعلوم واسبابها وان مشكلة تغليب الايمان على العلم اودت بمصائر الحضارة العربية وادت الى انحطاطها منذ انتصار السلطة الظلامية الزمنية لتيار الغزالي الايماني على مقولات ابن رشد العقلانية التي كانت اساسا النهوض الاوروبي الحضاري
كان للتوسع الاستعماري تأثيرا بالغا على الحداثة التي اراد المسلمين ان يتبنوها او يتمثلوها وايضا على اعراف وعوامل التخلف الاسلامي
وبدأ المسلمون يدركون رويدا رويدا ضرورة التقدم المعرفي والعلمي كضرورة حيوية
وشغلت الارادة مكانا مهما بدلا من مفاهيم القدرية والاتكال والطقوس الشكلية
الأمل كان في اعادة تكوين المفاهيم الثقافية والاجتماعية بشكل جذري في حاضر المسلمين
واحياء المنطق والعلم بعيدا عن الايمان التخيلي والسلفي المرافق للانحطاط والتخلف
كل اسباب العلوم والتقدم كانت ضرورية لمواجهة التحديات التي تطرحها الحداثة الاوروبية وهيمنتها
ولابد كان من الخروج من عصور التخلف بتبني الحداثة وتمثلها
لمحرر هذه السطور ملاحظات على ماورد في تحليل الباحثة مشرف يارديم في جانب المصطلحات مثلا فاستخدام تعبير الاحتلال كان اسقاطا كولونياليا على تشكلات اقتصادية اجتماعية مختلفة في انماط انتاجها وكان ابعد عن تمثل اشكال الحملات العسكرية العربية التي كان يقوم بها التجار المحاربين على التخوم لأنهم لم يكونوا يبتدعوا اشكالا تنظيمية مختلفة وبعمق عما كان سائدا في تلك المجتمعات بل كانت تدار كما في السابق الا ان سطوة التجمعات العسكرية للتجار المحاربين كانت تتلخص في نزع اشكال من الظلم وتقديم اشكال ادارية فوقية مختلفة في القضايا الاساسية
بيد ان الاحتلال الاستعماري الحديث يضرب المجتمعات في اعماقها ويغير نمط انتاجها تماما ويجعلها فاقدة لاساسات التطور بعيدا عن حاجة المركز الاستعماري والياته بابقائها مصدرا للمواد الخام
فبينما نرى ان الاندلس مثلت حاضرة علمية لجميع الطوائف في قرطبة وغيرها لم يعرف العالم المستعمر في الجنوب اي تكوين اساسي حضاري بل فقدان اساسيات التقدم في استقلالية الادارة والاقتصاد والمجتمع
الاسماء التي اوردتها الباحثة مشرف عن ريادة النهضة العربية كالشيخ الافغاني وتلميذه ورضا كانت نموذجا للتمرد ضد السلطة والعيش في اكنافها وان كانت عانت من كيد الانكليز والتحريض عليهم وبشكل اساسي في مصر وضيق الاستانة والسلطان العثماني بنقد الافغاني كان لعوامل داخلية اساسا استعمارية لضرب اليات التفكير الحر والمستقل وبقيت محدودة ولم تمثل عامل نهوض فعلي واجهضت الثورات التي تأثرت بها كثورة عرابي فيما بقيت الاسئلة لماذا توقفت حركة النهضة؟ولماذا توقفت الباحثة عند هذه المرحلة دون ذكر ظهور الفقاعة النفطية الاولى والثانية وتأثير الوهابية التي رعتها الكارتلات الاحتكارية الاستعمارية لاعادة المسلمين الى التخلف وقبول الاستعمار لمنطقة الخليج منذ مئة عام
وكيف اعادت التركيز على البعد الايماني والغت العقل والمنطق والتفكير تماما من مثل تنطع ابن باز بانه كافر من يعتبر الارض كروية وهوفقيه الخليج وممالك العائلات المتخلفة الحاكمة هناك
ان تناول هذه المرحلة واعادة الارادة والعقل من اساسيات التقدم وكم نحتاج من زمن ونقاش لنطورمكاننا في هذا العالم الذي يسير بسرعة الصواريخ الباليستية وما يفوق سرعة الصوت
بشكل عام المحاضرة قدمت تحليلا جريئا ومختلفا في تناول اسباب الانحطاط وضرورة المساهمة في مجال تناول كل اسباب التخلف العميق والمركب الذي يمنع الاقلاع الحضاري العربي

...............................................................
ما جاء بين اقواس صغيرة في التغطية الصحفية للمؤتمر النقاشي في جامعة لياج هو ترجمة شبه حرفية لما جاء في محاضرة الباحثة مشرف
و قد حرص المحرر على ذلك لنقل اجواء التحليل والمصطلحات التي عبرت من خلالها الباحثة عن رؤيتها الفكرية من مثل احتلال وما اليه
يمكن متابعة النص الأصلي باللغة الفرنسية الذي القته الباحثة في جامعة لياج على الرابط التالي للمركز الثقافي العربي بمنطقة لياج البلجيكية
http://centreculturelarabeliege.blogspot.com

أو القسم العربي للمركز:


او متابعة نشاطات المركز وفعالياته على الرابط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق